محمود محمد من مقديشو
26 آذار/مارس
يعتقد محللون صوماليون أن حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة على وشك
الانشقاق بسبب تفاقم الانقسامات والخلافات الداخلية
والتي تزامنت مع الهزائم العسكرية التي شهدتها مؤخراً.
وأشاروا إلى أن الشريط المصور الذي يظهر فيه عمر همامي المعروف باسم أبي
منصور الأميركي، وهو أحد قادة الحركة الأجانب وأميركي المولد، يدل على حال
الانقسام الحاد بين قيادات الحركة.
وقال همامي، أحد أهم الدعاة لفكر الحركة، إن زملائه فيها باتوا يشكلون
خطرا على حياته. وجاءت رسالته لتعكس خلافات أيديولوجية واستراتيجية، قال
المحللون لموقع صباحي أنها قد تكون تجاوزت مرحلة التباين في وجهات النظر
لتبلغ حد الصدام.
وجاء تصريح همامي بعد شهر على إعلان اندماج الشباب مع القاعدة، وهي خطوة وُصفت بأنها محاولة لرفع المعنويات وسط انقسامات داخلية حول توجهات الحركة.
إعلان الأميركي ’حدث غير مسبوق‘
إعتبر المحلل السياسي المتتبع لشؤون الحركات الإسلامية في الصومال، حسن
عبدالله، أن إعلان همامي أن حياته معرضة للخطر من قبل الحركة نفسها هو ’حدث
غير مسبوق‘ في تاريخ الشباب.
وقال عبدالله "إنها المرة الأولى التي يظهر فيها قيادي أجنبي في صفوف
الشباب ليعبر عن خوفه من رفاقه. ويكشف هذا الأمر عن الانقسامات الداخلية
والخلافات الحادة بين قادة حركة الشباب ومن المرجح أن نشهد تصاعدا في
النزاع الداخلي مما قد يؤدي إلى انهيار الشباب في المدى القريب".
وتوقع عبدالله أن يؤثر هذا التطور على عملية تجنيد الجهاديين من الأجانب
الذين يريدون المجيء إلى الصومال للانضمام إلى حركة الشباب التابعة
للقاعدة.
دور الجهاديين الأجانب
من جانبه، قال عبد الرحيم عيسى عدو، مدير إذاعة مقديشو الرسمية والمتحدث
السابق باسم اتحاد المحاكم الإسلامية، أن دور الجهاديين الأجانب ضمن
الشباب لطالما كان محط جدل كبير.
وأضاف عدو في تصريح لموقع صباحي "تشير المعلومات إلى وجود خلافات حادة
بين القادة الصوماليين للحركة، وبين الجهاديين الأجانب من تنظيم القاعدة
الذين جاءوا إلى الصومال لمناصرة الحركة".
وأوضح عدو أن "القادة الصوماليين للحركة أمثال أحمد غواداني (زعيم
الحركة) وإبراهيم الأفغاني (الرجل الثاني في الحركة) لا يثقون كثيراً ببعض
المقاتلين الأجانب، وكانوا دائماً يخشون من أن يكونوا جواسيس وعملاء
محتملين. وهذا ما قد يفسر عمليات تصفية الحسابات التي جرت في بعض الأحيان،
حيث كان أمير الحركة أحمد غوداني يخشي أن يتم عزله من منصبه وبالتالي عمل
ما في وسعه لتصفية معارضيه من القادة الآخرين".
يُذكر أن همامى وصل إلى الصومال في عام 2006 وارتقى بسرعة ضمن حركة
الشباب ليصبح قائداً عسكرياً ومسؤولاً في قسم التجنيد والدعاية. ويعتبر
حالياً القائد الأبرز للأجانب الذين يقاتلون في صفوف حركة الشباب.
وقد اشتهر همامي عبر بث شرائط الفيديو الترويجية التي كان يدعو فيها الأجانب إلى الانضمام إلى حركة الشباب في الصومال.
الأزمة التي خلّفها الأميركي قد تؤدي إلى انقسام الحركة
ومن جانبه، قال حسن علسو الخبير الأمني والضابط المتقاعد في جهاز الأمن
الصومالي السابق أن "الخلافات بين قادة حركة الشباب قد تجاوزت التباين في
وجهات النظر ووصلت إلى حد الصدام، الأمر الذي حمل أبا منصور الأميركي على
تسجيل هذه الرسالة الموجهة إلى أنصاره عبر العالم وإلى قيادات تنظيم
القاعدة".
وتابع علسو، أن شريحة واسعة من مقاتلي حركة الشباب الصوماليين والأجانب
تتعاطف على حد سواء مع همامي بصفته مدرباً لهم ويتمكن من التواصل معهم
باللغتين الإنكليزية والعربية، إضافة إلى إتقانه جزئيا اللغة الصومالية
المحلية.
وأضاف علسو "لذلك يرى المتعاطفون معه بأنه رمز للمقاتل المهاجر المخلص
للأفكار الجهادية"، متوقعاً حدوث تصدع كبير في الحركة إذا استمرت الأزمة
الحالية.
وتابع أن الأزمة قد تسفر عن انشقاق في صفوف الشباب، إلا أنه اعتبر ذلك
مرتبطاً بكيفية احتواءها من قبل قادة الحركة، وفي مقدمتهم غوداني.
وأضاف أن الهزائم العسكرية الأخيرة زادت من الضغوط على الحركة.
وقال إنه "بجميع المقاييس، تكبدت الحركة خسائر كبيرة خلال الأشهر
الأخيرة (...) وعندما تواجه أي جماعة متمردة هذا القدر من الخسائر البشرية
والمادية وتفقد المزيد من سطوتها، غالباً ما تصبح عرضة لأزمة داخلية
ولخلافات في صفوفها وهذا ما يصيب حاليا حركة الشباب".
أزمة ثقة سبقت تراجع الأميركي
بدوره، قال عبدالقادر عثمان، مدير وكالة الأنباء الصومالية والخبير في
شؤون الحركات الإسلامية في الصومال، إن الخلافات بين قادة حركة الشباب
تفاقمت وبرزت بقوة بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة في شرق أفريقيا، فضل
عبدالله محمد.
وأوضح عثمان أن الحركة كانت متعثرة بسبب أزمة الثقة بين كبار قادتها،
إلى جانب العلاقة المتأزمة بين الأجانب منهم والصوماليين. فكل طرف كان
يعتقد أن الطرف الآخر مخترقا من قبل جواسيس.
وذكر أن محمد، ذي الجنسيتين القمرية والكينية والذي قتل على يد قوات
الحكومة الصومالية عند نقطة تفتيش جنوب غرب مقديشيو في حزيران/يونيو، كان
قد وقع في فخ نصبه له قادة الحركة.
وأشار عثمان إلى أن بعض كبار القياديين في الحركة، لاسيما من جناح
غوداني، لعبوا دوراً كبيراً في تضليل محمد وسائقه، "وأعطوهم توجيهات مغلوطة
دفعتهم إلى سلوك طريق تعترضه نقطة تفتيش لقوات الحكومة الصومالية".
وقال إن خوف الأميركي من مواجهة المصير نفسه، ربما يكون السبب الذي دفعه إلى إطلاق نداء الخوف على حياته.
وأوضح أنه ربما قرر قول ما قاله "بهدف إيصال رسالة إلى تنظيم القاعدة قبل أن تتم تصفيته أو اتهامه بأنه عميل".
وتوقع علسو أن يتم التخلص من الأميركي في حال تفاقمت الأزمة.
وقال "قد يشهد الأمر تصعيدا يصل إلى اتهام أبي منصور الأميركي بالتجسس
لحساب جهات أجنبية، وبالتالي يتم التخلص منه كما حدث مع قيادات أخرى في
الحركة، كان أبرزهم أحمد كيسي".
ففي العام 2010، أعدمت حركة الشباب علنا أحد قادتها، أحمد كيسي، بعد أن
اتُهم بأنه يعمل لصالح الاستخبارات الغربية. وفي العام الماضي، أعلن معلم
حاشي فارح، القيادي في حركة الشباب أن هناك مقاتلين جواسيس ضمن الفصائل
الإسلامية المسلحة في الصومال يختبأون تحت عباءة المجاهدين.
وذكر عثمان أن "هناك مؤشرات تدل على أن العناصر الأجنبية التابعة لتنظيم
القاعدة في الصومال بدأت تغادر إلى اليمن خوفاً على حياتها بسبب هذه
الأزمة الداخلية، التي قد تصل إلى مرحلة تصفية الحسابات".
الشباب تعترف بوجود ’تباين في وجهات النظر‘
من جهة أخرى، نفى مسؤول في حركة الشباب في حديث لموقع صباحي طلب عدم
الكشف عن اسمه، وجود أي خلاف بين قادة الحركة، لكنه اعترف بوجود ما وصفه
باختلافات في الرؤى حول بعض المسائل.
وقال المسؤول "لا توجد خلافات كبيرة داخل حركة الشباب المجاهدين. قد
يكون هناك تباين في وجهات النظر حول بعض المسائل الإدارية، لكن ذلك لا يؤثر
إطلاقاً على تماسكها وعلى ونضالها الجهادي في الصومال". وتابع قائلاً
"هناك حملات تضليل تقوم بها بعض وسائل الإعلام الغربية التي تتحدث دوما عن
وجود خلافات وأزمة ثقة في صفوف المجاهدين، وهذا افتراء وكذب محض ولا أساس
له من الصحة".
يذكر أن الشريط المصور الذي بثه همامي في 17 آذار/مارس، كان قد أشار إلى
"خلافات حدثت بيننا بشأن مسائل تتعلق بالشريعة والاستراتيجية".
وكانت حركة الشباب قد ردت في حينه على إعلان همامي ببيان عبرت فيه عن "دهشتها" من إعلانه ونفت وجود أي خطر على حياته.
وجاء في البيان "لقد تفاجأت واندهشت حركة الشباب المجاهدين بتلك المادة
المرئية المنسوبة للأخ أبي منصور الأميركي والتي تم بثها على شبكة
الإنترنت".
ونشرت الحركة على موقع تويتر ما مفاده "نؤكد لإخواننا المسلمين بأن
الأميركي ليس مهدداً من قبل المجاهدين وأنه ليس في خطر من المجاهدين وأن
أخانا ما زال يتمتع بكل حقوقه وامتيازات الأخوية".
وأعلنت الحركة أن تحقيقاً قد فتح لمعرفة حقيقة الشريط والهدف من بثه. ونفت الحركة أيضاً الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام عن اعتقال همامي.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتعرض فيه حركة الشباب لسلسلة ضربات أرغمتها
على الانسحاب من العاصمة مقديشو ومن مواقع استراتيجية عديدة في جنوب
الصومال أمام العمليات العسكرية للقوات الصومالية والقوات الإقليمية
المتحالفة معها.
No comments:
Post a Comment