Saturday 2 March 2013

المغرب.. حكومة الإسلاميين في مواجهة “عفاريت” الفساد


Benkiraneتباينت آراء مراقبين وفاعلين سياسيين، في تصريحات لموقع “إسلام أون لاين”، إزاء حصيلة الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي، وذلك بعد مرور أزيد من عام على تنصيبها عقب إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في سياق ما اصطُلح عليه بـ”الربيع” المغربي الاستثنائي.
وفيما اعتبر البعض بأن حصيلة الحكومة “إيجابية” تتجلى في إطلاق العديد من المشاريع والإشارات على وجود إرادة قوية في محاربة الفساد المُستشري في البلاد، ذهب آخرون إلى أنها حصيلة “متواضعة” لا ترقى إلى آمال الشعب المغربي بسبب نفوذ لوبيات المصالح التي تحارب كل المبادرات التي تسير في اتجاه محاربة الفساد.
وكانت حكومة “الإسلاميين”، التي تضم ائتلاف أربعة أحزاب سياسية يتزعمها “العدالة والتنمية”، قد رفعت في بدايات مهامها شعارا محوريا مفاده “محاربة الفساد” بمختلف تجلياته ومظاهره السياسية والإدارية والاقتصادية، حيث أكد مسؤولون حكوميون غير ما مرة على أن الحكومة لن تتردد في فتح ملفات الفساد في البلاد.
 بين الحكومة والمعارضة
عبد العزيز أفتاتي، القيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم، أكد على أنه لا بديل حقيقي عن حكومة “الإسلاميين” في ظل الظروف السياسية الراهنة التي أفرزها مرحلة الربيع العربي، بسبب غياب قوة سياسية فاعلة ومنظمة يمكنها أن تأخذ البلاد إلى بر الأمان، حيث أن جميع التيارات والأحزاب السياسية سبق تجريبها في إدارة الشأن العام بالبلاد.
وثمن أفتاتي الحصيلة التي حققتها الحكومة بعد أكثر من سنة على تنصيبها، خاصة في إطلاقها للعديد من المشاريع الاقتصادية التي ستعود بالنفع على المواطنين، فضلا عن وضع الملفات ذات الطابع الاجتماعية على رأس أولوياتها، ومن ذلك دعم الفئات الفقيرة وذات المداخيل المحدودة.
ولخص أفتاتي أبرز ما حققته الحكومة الحالية رغم المثبطات المتكاثرة في محاولة إعادة التوازن للمجتمع بعد تراكم عقود من الاختلالات في جميع المجالات، وأيضا تصحيح التفاوتات بين الأغنياء والفقراء، وردم الهوة بين هذه الطبقات حتى يبتعد المغرب عن خطر الانفجارات الاجتماعية.
وبالمقابل انتقد رشيد الطالبي العلمي، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار المعارض، ما سماه البطء الشديد في تنزيل الدستور كما ينبغي على الأرض، مردفا بأن هناك فرقا شاسع بين شعارات ما قبل الانتخابات لعام 2011 وما بعدها، حيث كان الشعار المرفوع محاربة الفساد بدون هوادة، غير أنه حاليا لم تتم محاربته رغم مرور أكثر من سنة على بدء الحكومة لمهامها.
وأضاف علمي بأن الحكومة لم تقم بشيء يستحق الإشادة أو الاهتمام، حيث استهلكت وقتها في رفع الشعارات والخطابات الشفوية التي تتوعد الفساد والمفسدين، وتعلق عجزها على المعارضة وجهات خفية، وذلك عوض أن ترفع وتيرة أدائها الحكومي لخدمة قضايا المواطنين ومعالجة مشاكلهم.
  حصيلة ضعيفة
الدكتور محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، ذهب إلى أنه بعد مرور أكثر من سنة من عمل الحكومة الائتلافية، التي يقودها رئيس حكومة  من حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الاسلامية، تبقى حصيلة هذه الأخيرة متواضعة نتيجة تداخل عاملين أساسيين.
وعزا الغالي العامل الأول إلى غياب رؤية موحدة لدى الأطراف المشكلة للائتلاف الحكومي في محاربة الفساد، مما أثر على جهودها وخطتها في هذا المجال، مشيرا في هذا السياق إلى الاتهامات المتبادلة التي أعقبت مجهودات بعض القطاعات الحكومية في هذا الباب، وخصوصا مجهودات وزارة التجهيز ووزارة الصحة والتعليم.
ويشرح المحلل “تعرضت هذه المبادرات للنقد والهجوم من طرف المكونات الداخلية للحكومة نفسها، بل الأكثر من ذلك أن هناك من اعتبر الإجراءات المتخذة لمحاربة الفساد في هاته القطاعات أحادية، وتشوش على العمل الحكومي الجماعي مما أكد الافتقاد إلى خطة حكومية عملية مشتركة وغياب الالتقائية في محاربة الفساد”.
وأرجع الغالي العامل الثاني إلى “مشكل لوبيات المصالح التي يعبر عنها رئيس الحكومة بالعفاريت والتماسيح كقوى تحارب كل المبادرات التي تسير في اتجاه محاربة الفساد، وهي لوبيات استوطنت في مختلف المؤسسات الدستورية الادارية والسياسية والاقتصادية، واكتسبت مناعات وإمكانات كبيرة تساعدها على التحكم وكبح جهود الحكومة في هذا الباب.
واستدل الغالي بمثال اقتصاد الريع كوجه من أوجه الفساد، إذ وجدت الحكومة صعوبات كبيرة حتى على مستوى تحديد خريطته وخريطة المستفيدين منه، كما أن التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات ـ وهو أول تقرير يصدر في عهد الحكومة الحالية التي جاءت في سياق الربيع العربي الذي حمل شعارات إسقاط الاستبداد والفساد ـ لم يرق إلى المستوى المطلوب الذي يمكن أن يجعل منه عملا ناجعا في محاربة الفساد، مما يعني أن هذا الموضوع ربما يحتاج إلى مقاربة جديدة قادرة على تجاوز معضلات التوجيه التحكمي للظاهرة السياسة في المغرب”.
الحكومة “الملتحية”
 وتذهب آراء محايدة بأن رفع الحكومة بالمغرب لسقف وعودها وتوقعاتها في مجال الإصلاح ومحاربة الفساد وتحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد جعل المواطنين يعلقون آمالا عريضة على هذه الطموحات الحكومية، التي سرعان ما اصطدمت بواقع معقد وشائك كان يخفي تركة سياسية واقتصادية واجتماعية ثقيلة، من قبيل صندوق دعم المواد الغذائية، ومعضلة الفساد، والبطالة، وتداعيات الأزمة المالية العالمية.
وأدركت الحكومة “الملتحية”، كما يحب أن يسميها بعض الظرفاء، سياق الوضع السياسي والاقتصادي الصعب الذي وجدت نفسها فيه، وهو ما أضحى يشكل امتحانا ضيَّقَ من هامش مناوراتها، ومنح فرصة ذهبية لخصومها لاتهامها بالتقصير والعجز عن تحمل المسؤوليات التي أناطها الشعب بعنقها.
للتذكير، فإن حكومة الإسلاميين كانت تتويجا لمرحلة “الربيع” العربي في ظل دستور جديد وسَّع نسبيا من صلاحياتها وسلطاتها مقارنة مع سابقاتها، وهو ما انعكس على موقع الحكومة التي بدا إيقاع عملها يعتريه نوع من البطء الذي لا يساير المطالب الملحة للجمهور العريض.
ويلاحظ مراقبون بأن تباين مكونات الأغلبية الحكومية، واستشراء خلافاتها السياسية الخفية والمعلنة، أثر سلبا على صورة الحكومة واستدرجها إلى الدخول في معارك هامشية زاد من حدتها محاولات الخصوم السياسيين للحكومة تصيد أخطاء مسؤوليها، وعلى رأسهم رئيس الحكومة وتسليط الضوء بالنقد والاتهام على تصريحاتهم ومواقفهم بل حتى بعض تصرفاتهم الشخصية.

No comments:

Post a Comment